قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية يشهد بالفعل نموًا متسارعًا في العقد الأخير، حيث أصبحت هذه الصناعة أكثر من مجرد ترفيه، وظاهرة ثقافية واقتصادية تستحق الاهتمام والاستثمار، فقد تطورت هذه الصناعة لتشمل فرصًا اقتصادية متعددة، بما في ذلك البطولات والمسابقات التي تجذب المشجعين والرعاة، وتوليد الإيرادات من خلال الإعلانات والتسويق، بالإضافة إلى تدفقات العائدات من المبيعات المباشرة للألعاب والمحتوى الإضافي، واللعب مقابل الفوز بالمال الحقيقي عبر مواقع الكازينوهات اون لاين، وغير ذلك الكثير.

مركز المستقبل - دوافع تنامي الاستثمار في الألعاب الإلكترونية بالشرق الأوسط

 الشركات التقنية ومنصات العرض

من المهم أن نلاحظ أيضًا الدور الذي تلعبه الشركات التقنية ومنصات البث المباشر في دفع نمو هذا القطاع، حيث تقدم هذه الشركات البنية التحتية والمنصات التي تسمح للمحترفين والهواة بالبث المباشر لألعابهم والتفاعل مع الجمهور مباشرة، بفضل تنوع الألعاب والمنصات، فإن هذا القطاع يجذب فئات واسعة من اللاعبين والمشجعين، مما يزيد من قاعدة المستخدمين ويسهم في استمرارية النمو.

من المتوقع أن يظل هذا النمو مستمرًا في السنوات القادمة، خاصة مع استمرار التطور التكنولوجي وزيادة انتشار الإنترنت، مما يخلق مزيدًا من الفرص للشركات والمستثمرين في هذا المجال.

الألعاب الإلكترونية

الألعاب تعرف عمومًا بأنها تجارب ترفيهية يشارك فيها الأفراد بمفردهم أو كجماعات، سواء كانت على أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية أو حتى عبر الشبكات الاجتماعية، ويشير مصطلح الرياضات الإلكترونية إلى ألعاب الفيديو التي يتم لعبها في بيئة تنافسية منظمة، حيث يتبارى اللاعبون من مختلف الدوريات أو الفرق في ألعاب تحظى بشعبية واسعة، مثل “فورتنايت” و”ليج أوف ليجندز” و”كول أوف ديوتي”، بين أمثلة أخرى.

الحوافز الاستثمارية لانتشار الألعاب الإلكترونية

 هناك مجموعة من العوامل التي أسهمت في انتشار واسع للألعاب والرياضات الإلكترونية، وزيادة الاهتمام بالاستثمار في هذا المجال سواء من قبل القطاع الخاص أو الحكومات، وتشمل هذه العوامل ما يلي:

1- تعزيز الاستثمارات الخاصة:

   أ- ارتفاع الطلب والتوسع في الأسواق العالمية: وصلت إيرادات صناعة الألعاب والرياضات الإلكترونية في عام 2022 إلى ما يقارب 182.9 مليار دولار. شهدت الصناعة توسعًا جغرافيًا، حيث كانت الأسواق الرئيسية في الماضي تقع في أمريكا الشمالية وأوروبا، ولكنها شهدت نموًا سريعًا في آسيا خلال العقد الماضي، وبدأت مؤخرًا في النمو في منطقة الشرق الأوسط والعديد من الأسواق الناشئة.

   ب- زيادة أعداد اللاعبين: تجذب الألعاب والرياضات الإلكترونية لاعبين من مختلف الفئات العمرية، خاصةً الشباب، حيث تشير الإحصاءات إلى أن 8 من كل 10 أفراد من “جيل زد” و”جيل الألفية” يشاركون في الألعاب الإلكترونية، وأن اللاعبين الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و40 سنة يقضون ما يزيد عن 7 ساعات أسبوعيًا في اللعب. 

   ج- تأثير جائحة “كوفيد19”: أدت إجراءات الإغلاق التي فُرضت لمكافحة انتشار جائحة “كوفيد19” إلى زيادة استخدام الألعاب كوسيلة للترفيه، مما أدى إلى زيادة الاستهلاك والطلب على المحتوى الرقمي خلال الفترة من 2020 إلى 2021.

   د- انتشار الهواتف المحمولة: مع انتشار الهواتف المحمولة التي تدعم الجيل الرابع والجيل الخامس، أصبحت منصات الألعاب الإلكترونية أكثر سهولة في الوصول والاستخدام للجمهور العام، مما أدى إلى زيادة حجم سوق الألعاب وزيادة الإيرادات.

2- زيادة الاستثمارات الحكومية:

   أ- تعزيز النمو الاقتصادي: تهدف الحكومات إلى رفع مساهمة الألعاب والرياضات الإلكترونية في الاقتصاد، وتعزيز القطاعات الأخرى المرتبطة بها مثل الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، وصناعة الرقائق الإلكترونية.

   ب- خلق فرص العمل: أدى نمو هذا القطاع إلى إنشاء فرص عمل جديدة في مختلف المجالات المرتبطة به، مما يساهم في تعزيز التوظيف وتحسين الاقتصاد المحلي.

   ج- تحسين البنية التحتية وجذب الاستثمارات: تقوم الحكومات بتحسين البنية التحتية اللازمة لتطوير هذا القطاع، بما في ذلك البنى التحتية الرقمية والملاعب المخصصة للرياضات الإلكترونية، وذلك لجذب المستثمرين وتعزيز الاستثمارات.

النمو الإقليمي

دول الشرق الأوسط تعمل بجد على تعزيز مكانتها كوجهة مرموقة في عالم الألعاب والرياضات الإلكترونية، حيث يشهد هذا القطاع نمواً سريعاً في عدد المستهلكين والمنتجين والمطورين، وذلك بفضل التطور التكنولوجي الرقمي والدعم الحكومي المستمر.

من المتوقع أن تتضاعف إيرادات الألعاب الإلكترونية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بحلول عام 2027 لتصل إلى حوالي 6 مليارات دولار، مقارنة بما كانت عليه في عام 2021، وقد شهدت المنطقة استثمارات تقدر بنحو 392 مليون دولار في قطاع الألعاب بين عامي 2015 و2021 من خلال 170 صفقة.

تشير تقديرات شركة “نيكو بارتنرز” إلى أن إيرادات الألعاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تتضمن السعودية والإمارات ومصر كأسواق رئيسية، بلغت 1.8 مليار دولار في عام 2022، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 2.8 مليار دولار في عام 2026 بمعدل نمو سنوي مركب يبلغ حوالي 10%. وقدر عدد اللاعبين بحوالي 67.4 مليون لاعب في عام 2022، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 87.3 مليون لاعب في عام 2026 بمعدل نمو سنوي يبلغ حوالي 6%.

الريادة الخليجية لمستقبل الألعاب الإلكترونية

تعتبر الإمارات والسعودية من الدول الرائدة في مجال الاستثمار في الألعاب والرياضات الإلكترونية على مستوى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ويعزى ذلك إلى مستويات الدخل المرتفعة والمبادرات الحكومية المشجعة، فضلاً عن التطور التقني الذي يشهده القطاع. وفي هذا السياق، تتخذ الدولتين مجموعة من الإجراءات لدعم هذا القطاع:

1. الإمارات:

   – تضمنت الاستراتيجية الوطنية العشرية لدولة الإمارات للصناعات الثقافية والإبداعية الألعاب والرياضات الإلكترونية كقطاع ذو أولوية.

   – تم تأسيس الاتحاد الإماراتي للرياضات الإلكترونية لتنظيم الأنشطة الرياضية في هذا المجال.

   – تم إطلاق مركز دبي للسلع المتعددة الألعاب لدعم صناعة ألعاب الفيديو.

   – أنشئ مركز أبوظبي للألعاب والرياضات الإلكترونية في المنطقة الإبداعية-ياس.

   – توجد مبادرات مُحفزة مثل مبادرة أبوظبي للألعاب والرياضات الإلكترونية لدعم شركات تطوير الألعاب.

   – تطبق تشريعات وبيئة تنظيمية تسهل عمليات تأسيس الأعمال في مجال الألعاب والرياضات الإلكترونية.

2. السعودية:

   – تم الإعلان عن استثمارات ضخمة لتحويل المملكة إلى مركز للرياضات الإلكترونية بحلول عام 2030.

   – تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للألعاب والرياضات الإلكترونية لزيادة مساهمة القطاع في الاقتصاد السعودي.

   – تستضيف السعودية العديد من الفعاليات الكبرى مثل كأس العالم للرياضات الإلكترونية وبطولة “لاعبون بلا حدود”، وهي بطولة خيرية.